السلام عليكم ورحمة الله وبركاته الغيبةيتورع الكثير من المسلمين عن اللحوم المستوردة , لا سيما المعلبة منها ويتوقون في ذلك أشد التوقي مخافة أن تكون قد ذبحت على خلاف الطريقة الشرعية وهذا سعي مشكور .
ولكن هناك لحوم لطُفت حتى خفيت على المتورعين ، ولم تدركها رقابة المتوقّين .
والسر في هذا!!!!
...... أن اللحوم التي رغب عنها المتورعون لحوم حسية مشاهدة ، فلا تخفى على الرقابة لأن الذي يتناولها يعالج أكلها ، بينما الأخرى لا يحتاج إلى ذلك آكلها وكلاهما يسمى أكلاً .
قال تعالى : ( أيُحب أحدكم أن يأكل لحم أخيه ميتاَ ) الحجرات/12 .
( إنها لحوم البشر ... الغيبة )
نعم قد سماها الله سبحانه بذلك , وتكاثرات الأدلة على تحريمها وبيان خطرها وقبح التلبس بها .
فعن ابن مسعود قال :
( كنا عند النبي صلى الله عليه وسلم فقام رجل فوقع فيه رجل من بعده ، فقال له النبي صلى الله عليه وسلم :
تخلل
. قال : مِم أتخلل ؟ ما أكلت لحماً !
قال النبي صلى الله عليه وسلم : إنك أكلت لحم أخيك )
صححه الألباني
تنبيه :
لقد انغمر الناس في هذه المعصية ، ولا أدل على ذلك من واقع الناس ، فترى الغيور على محارم الله أن تُنتهك عندما ينكر عليهم هذه الموبقة يُقابل بإجابة تواترت عليها الألسنة وألفتها :
" ألا تريدنا أن نتكلم "
....... فسبحان الله كأن الكلام كله منحصر فيما حرم الله على عباده ، فمن تأمل هذه المقولة تبين له مدى تمزق الجسد الواحد نفسه بدلاً من أن يشد بعضه بعضاً .
وكأننا لم نسمع قول رسول الله صلى الله عليه وسلم :
( من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فليقل خيراً أو ليصمت ) رواه البخاري ح/6135
هذا هو جواب المقولة : إذ ليس من الخير أن تقارف تلك الكبيرة ، فالزم الصمت إن لم تقل خيراً فإن " من صمت نجا " .
تساؤل :
لعلك تتساءل معي:
كيف يقع المتقون على وجه أخص في هذه الموبقة على الرغم من أنهم أولى الناس بالبعد عنها ؟
......أقول : هناك أسباب أوقعتهم في ذلك يشترك معهم بقية الناس فيها ، ومنها :
1- موافقة الأقران ومجاملة الرفقاء حيث يرى أنه لو أنكر عليهم استثقلوه فيما بينهم في ذلك .
2- التشفي ، فكلما غضب من أحد شفى قلبه بفيبته .
3- إرادة رفع النفس بتنقيص غيره والحط من قدره .
4- اللعب والهزل فربما أراد أن يُضحك الناس بمحاكاة فلان وفلان وفعله .
5- الحسد ، فإذا تكلم الناس بمدح لرجل قال : إن فيه وفيه ، وأنا أخبر به منكم ، فلا سبيل لدله للنيل من المحسود إلا القدح فيه .
6- كثرة الفراغ والشعور بالملل فلا يجد شغلاً إلا بذكر عيوب الناس ، وذلك لأنه لم يستغل وقته بطاعة الله ، فالواجبات أكثر من الأوقات ، والسلف كانوا يقولون : " النفس إن لم تشغلها شغلتك "
7- طلب موافقة الرئيس والمدير ومجارته في تنقص من لا يحب من مرؤسيه لنيل الحظورة لديه .
تأمل :
إنك تعاشر أقواماً لا يُحصون كثرة : منهم القريب ، ومنهم الصديق الحبيب ، ومنهم الاستاذ ومنهم الجار ، فاحذر غداً أن تراهم ماثلين أمامك بين يدي الله ، ترى أحبابك وخلانك يطلبون رد مظلمة أعراضهم منك .
وأخيراً ......
قال الشاعر : لسانك لاتذكر به عورة أمرؤٍ
فكل عوراتٌ ولناسِ ألسـنُ نسأل الله العفو والعافية
تقبلوا فائق تقديري واحترامي .
منقول للفائده